سلمان بن محمد العُمري
إن من الأمور التي تتفاخر بها الأمم المتطورة المعاصرة ، وتتباهي بها : مسألة رعاية ذوي الاحتياجات الخاصة ، ممن ابتلاهم الله تعالى ببعض الأمور التي تحد من قدراتهم الكاملة على القيام بما يستطيعه الأصحاء ؛ لأن العناية بهذه الفئة المهمة في المجتمع ، ورعايتها ، وإعطاءها كامل حقوقها يدل على مدى الوعي ، والرقي الأخلاقي للدولة والمجتمع . وقد ضرب الإسلام في هذا المجال أعظم المثل ، فقد اعتنى الإسلام أعظم عناية بذوي الاحتياجات الخاصة ، فأوجب على أهليهم ، وذويهم رعايتهم ، والعناية بهم ، ورتب على ذلك الأجر العظيم ، والثواب الجزيل ، فإن لم يستطع ذووهم ذلك انتقل هذا الواجب إلى الدولة ، فيجب عليها أن ترعى هؤلاء ، وتتيح لهم كل فرص التعليم ، والتكوين ، وأن تهيئ كل وسائل المساعدة للقيام بواجبهم الديني ، والوطني ، والعلمي ، فإن كثيراً من ذوي الاحتياجات الخاصة ، هم من العلماء والنوابغ ، ويكفي للتدليل على ذلك أن الرسول r استخلف ابن أم مكتوم رضي الله عنه على المدينة المنورة ثلاث عشرة مرة ، مع أنه كان رجلاً أعمى . وقد حرصت المملكة العربية السعودية في السنوات الأخيرة على زيادة العناية بذوي الاحتياجات الخاصة ، وكان من أوجه تلكم العناية والرعاية : أنها بدأت تخصص مواقف خاصة لذوي الاحتياجات ، وممرات مصممة لعرباتهم في مختلف الأماكن التي يرتادونه ، لقضاء أغراضهم ، وإنجاز معاملاتهم ، كالدوائر الحكومية المختلفة ، والمساجد ، والجوامع ، والمستشفيات ، والأسواق حتى يتمكنوا من إنجاز أعمالهم بيسر وسهوله . ولاشك أن مثل هذه الجهود لايمكن أن تؤتي ثمارها ، على النحو المطلوب إلا بتعاون المواطنين ، والمقيمين ، وتفاهمهم ، واهتمامهم ، ومبادرتهم إلى مد يد العون ، والمساعدة لهذه الفئة الغالية ، إلا أن مانشاهده بالعيان من بعض المواطنين ، وتنشره الصحف على صفحاتها ، من انتهاك سافر لحقوق ذوي الاحتياجات الخاصة ، والسطو على الأماكن المخصصة لوقوفهم ، وتعد على المرافق المعدة لهم ، وإيقاف سياراتهم فيها ، بل وصل الأمر إلى إغلاق الممرات الخاصة بهم دون وازع من دين ، أو رادع من ضمير ، مما يدل على أن كثيراً من الناس يحتاجون إلى توعية وتبصير بأمور اجتماعية كثيرة، كاحترام الذوق العام، ومراعاة حقوق الآخرين ، وغير ذلك . وبهذه المناسبة فإني أناشد المسؤولين في إدارة المرور أن يكونوا حازمين جداً في تطبيق النظام على الذين يخالفون القوانين والأنظمة التي حددت مواقع خاصة لذوي الاحتياجات الخاصة ، بإيقاع غرامات رادعة عليهم ؛ لأن كثيراً من الناس لايفهم إلا هذه اللغة .